الجدري عند الأطفال: الأسباب والأعراض والعلاج
الجدري هو أحد الأمراض الفيروسية الشائعة التي تصيب الأطفال، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة. يعتبر هذا المرض معديًا بدرجة عالية، وقد يسبب أعراضًا مزعجة للطفل. على الرغم من أن الجدري عادة ما يكون مرضًا خفيفًا ويشفى تلقائيًا، إلا أن فهم أسبابه وأعراضه وطرق علاجه يعد أمرًا ضروريًا لضمان راحة الطفل وتجنب المضاعفات المحتملة.
أسباب الجدري عند الأطفال
الجدري يحدث بسبب فيروس يسمى "فاريسيلا زوستر" (Varicella-Zoster Virus)، وهو نفس الفيروس الذي يسبب القوباء المنطقية لدى البالغين. ينتشر هذا الفيروس بسهولة من شخص لآخر عبر الهواء عندما يسعل أو يعطس الشخص المصاب، أو من خلال الاتصال المباشر بالسوائل التي تخرج من البثور التي تظهر على الجلد. يمكن أن ينتقل الفيروس أيضًا من الأم إلى الجنين أثناء الحمل أو الولادة، مما قد يؤدي إلى إصابة الطفل بالجدري الخلقي.
الأطفال الذين لم يتم تطعيمهم ضد الجدري هم أكثر عرضة للإصابة به، خاصة إذا كانوا على اتصال وثيق مع شخص مصاب. الفيروس شديد العدوى، ويمكن أن ينتشر بسرعة في الأماكن المزدحمة مثل المدارس أو دور الحضانة. بمجرد إصابة الطفل بالجدري، يكتسب مناعة طويلة الأمد ضد الفيروس، مما يعني أن الإصابة الثانية نادرة الحدوث.
أعراض الجدري عند الأطفال
تبدأ أعراض الجدري عادة بعد 10 إلى 21 يومًا من التعرض للفيروس، وتستمر لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 أيام. تشمل الأعراض الأولية الحمى الخفيفة إلى المتوسطة، وفقدان الشهية، والصداع، والإرهاق العام. بعد يوم أو يومين من ظهور هذه الأعراض، يبدأ الطفح الجلدي المميز للجدري في الظهور.
يبدأ الطفح الجلدي على شكل بقع حمراء صغيرة تتحول بسرعة إلى بثور مملوءة بالسوائل. تظهر هذه البثور أولاً على الوجه والصدر والظهر، ثم تنتشر إلى باقي أجزاء الجسم، بما في ذلك الفم وفروة الرأس والأعضاء التناسلية. تكون البثور مثيرة للحكة، وقد تسبب إزعاجًا شديدًا للطفل. مع مرور الوقت، تجف البثور وتتشكل قشور عليها قبل أن تختفي تمامًا.
تشخيص الجدري عند الأطفال
عادة ما يتم تشخيص الجدري بناءً على الأعراض السريرية، خاصة الطفح الجلدي المميز. في معظم الحالات، لا يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات مخبرية لتأكيد التشخيص. ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة، مثل الأطفال الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي، قد يتم أخذ عينة من السائل الموجود داخل البثور لإجراء فحوصات مخبرية لتأكيد وجود الفيروس.
من المهم التمييز بين الجدري والأمراض الجلدية الأخرى التي قد تسبب طفحًا جلديًا مشابهًا، مثل الحصبة أو الحساسية الجلدية. لذلك، يجب استشارة الطبيب إذا كان هناك شك في تشخيص الحالة.
علاج الجدري عند الأطفال
في معظم الحالات، لا يحتاج الجدري إلى علاج محدد، حيث أن الجسم قادر على محاربة الفيروس تلقائيًا. ومع ذلك، هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتخفيف الأعراض ومساعدة الطفل على الشعور بالراحة. تشمل هذه الإجراءات استخدام الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول لتخفيف الحمى، وتجنب استخدام الأسبرين لأنه قد يسبب متلازمة راي، وهي حالة نادرة ولكنها خطيرة.
للتخفيف من الحكة، يمكن استخدام مضادات الهيستامين أو الكريمات المهدئة التي تحتوي على الكالامين. كما ينصح بإبقاء أظافر الطفل قصيرة ونظيفة لتجنب خدش البثور، مما قد يؤدي إلى التهابات بكتيرية ثانوية. في بعض الحالات، قد يصف الطبيب الأدوية المضادة للفيروسات مثل الأسيكلوفير، خاصة إذا كان الطفل يعاني من ضعف في الجهاز المناعي أو إذا كانت الأعراض شديدة.
الوقاية من الجدري عند الأطفال
أفضل طريقة للوقاية من الجدري هي التطعيم. يتم إعطاء لقاح الجدري كجزء من جدول التطعيمات الروتيني للأطفال، وعادة ما يتم إعطاؤه على جرعتين: الأولى بين عمر 12 إلى 15 شهرًا، والثانية بين عمر 4 إلى 6 سنوات. لقاح الجدري آمن وفعال، ويوفر حماية طويلة الأمد ضد الفيروس.
إذا تعرض الطفل غير المطعم لشخص مصاب بالجدري، يمكن إعطاؤه اللقاح في غضون 3 إلى 5 أيام من التعرض للحد من شدة المرض أو منعه تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، يجب عزل الطفل المصاب عن الآخرين، خاصة أولئك الذين لم يصابوا بالجدري من قبل أو لم يتم تطعيمهم، لتجنب انتشار العدوى.
مضاعفات الجدري عند الأطفال
على الرغم من أن الجدري عادة ما يكون مرضًا خفيفًا، إلا أنه في بعض الحالات النادرة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. تشمل هذه المضاعفات الالتهابات البكتيرية الثانوية للجلد، والتي قد تنتج عن خدش البثور. في حالات نادرة، قد يسبب الجدري التهاب الرئة أو التهاب الدماغ، وهي حالات تتطلب علاجًا طبيًا فوريًا.
الأطفال الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي، مثل أولئك الذين يخضعون للعلاج الكيميائي أو الذين يعانون من أمراض مزمنة، هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الجدري. لذلك، يجب مراقبة هؤلاء الأطفال بعناية وطلب الرعاية الطبية فورًا إذا ظهرت عليهم أعراض شديدة.
العناية بالطفل المصاب بالجدري في المنزل
عند إصابة الطفل بالجدري، يمكن للوالدين تقديم الرعاية اللازمة في المنزل لتخفيف الأعراض ومساعدة الطفل على التعافي. من المهم إبقاء الطفل مرتاحًا وتوفير بيئة هادئة له. يمكن استخدام الكمادات الباردة لتخفيف الحكة، وتجنب استخدام الصابون القاسي أو المنظفات التي قد تهيج الجلد.
يجب تشجيع الطفل على شرب الكثير من السوائل لتجنب الجفاف، خاصة إذا كان يعاني من الحمى. كما ينصح بتقديم الأطعمة اللينة والباردة إذا كانت البثور تسبب ألمًا في الفم. إذا كان الطفل يعاني من ألم شديد، يمكن استخدام المسكنات التي يصفها الطبيب.
الخاتمة
الجدري هو مرض شائع عند الأطفال، ولكنه عادة ما يكون خفيفًا ويشفى تلقائيًا. ومع ذلك، فإن فهم أسبابه وأعراضه وطرق علاجه يعد أمرًا ضروريًا لضمان راحة الطفل وتجنب المضاعفات المحتملة. التطعيم هو أفضل طريقة للوقاية من الجدري، ويجب على الوالدين التأكد من حصول أطفالهم على اللقاح وفقًا لجدول التطعيمات الموصى به. في حالة الإصابة بالجدري، يمكن للرعاية المنزلية الجيدة أن تساعد الطفل على التعافي بسرعة وبأقل قدر من الانزعاج.والعلاج
0 تعليقات